للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعزة الامتناع وهي التي بمعنى الغنى التام، والامتناع عن أن يضره أحد أو ينفعه، وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي» (١).

وغاية الأمر: أنه العزيز الذي كمل من كل وجه، فكان له من العزة ومن كل شيء أكمله وأتمه، وبرئ من كل نقص وسوء، قال تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النحل: ٦٠]، وقال تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات: ١٨٠] قال الشيخ السعدي : «عز؛ فقهر كل شيء، واعتز عن كل سوء يصفونه به» (٢).

وقال ابن القيم : «العزيز الذي له العزة التامة، ومن تمام عزته: براءته عن كل سوء وشر وعيب؛ فإن ذلك ينافي العزة التامة» (٣).

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (العزيز) على التوحيد]

إذا تعرف العبد على اسم ربه العزيز وما يتضمنه من كمال القوة، والقهر، والغنى والامتناع، وتيقن ذلك كله؛ علم أنه لا يستحق أحد كائنًا من كان أن يُعبد مع العزيز ؛ إذ كيف يسوى بين الفقير العاجز من جميع الوجوه بالغني القوي من جميع الوجوه، ومن لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، بالنافع الضار، المعطي المانع، مالك الملك، والمتصرف فيه بجميع أنواع التصريف، قال تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٧٧).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٧٠٩).
(٣) شفاء العليل (ص: ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>