وخلق السموات والأرض في ستة أيام، وقدَّمَ خلق الملائكة على خلق الإنس والجن، وتقدَّم خلق الجن على خلق الإنس ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧]، وأول البشر خلقًا آدمُ ﵇، ثم تتابَع بنيه في الخلق والوجود، فمنهم المتقدِّم، ومنهم المتأخِّر، وهذا التقديم كوني قدري، ولا يلزم منه أن يكون المتقدِّم أفضل مِن المتأخِّر، فآدم خُلِق في آخر الأيام الستة، وله فضل هو وبنوه على كثير ممن تقدَّمهم في الخلق ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٠]»، أما التقديم والتأخير الشرعي الديني، فكتقديم الأذان على الصلاة، وخطبة الجمعة على صلاة الجمعة، وصلاة العيد على خطبة العيد.
وحري بمن عرف اسمي الله المقدم والمؤخر، وآمن بهما أن يوحده سُبْحَانَهُ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ويستغني به عن خلقه، ويسأله وحده بهذين الاسمين خيري الدنيا والآخرة.
الأثر الثاني: المقدَّم مَن قدَّمَهُ اللهُ ورفعه:
إن ميزان التقديم والتأخير، والحب والبغض، والولاء والبراء هو ميزان الله ﷿ في ذلك كله، لا كما يزن به أكثر الناس اليوم، حين يقدمون أهل الجاه والمال والرئاسات وغيرها من أعراض الدنيا على غيرهم من أهل الدين والتقوى، وهذا يخالف ميزان الله ﷿ في التقديم والتأخير، قال الله ﷿: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: ٢١]، ولقد كان الرسول