للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم : «كما أن من تواضع لله رفعه، فكذلك من تكبر عن الانقياد للحق أذله الله ووضعه، وصغره وحقره، ومن تكبر عن الانقياد للحق- ولو جاء على يد صغير، أو من يبغضه أو يعاديه- فإنما تكبره على الله؛ فإن الله هو الحق وكلامه حق؛ ودينه حق، والحق صفته ومنه وله، فإذا رده العبد وتكبر عن قبوله فإنما رد على الله وتكبر عليه» (١)، واستحق بهذا الوعيد الوارد في قوله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [البقرة: ٢٠٦].

وقال مبينًا قبح التكبر عن الحق: «وَإِنَّ أَبْغَضَ الكَلَامِ إِلَى اللهِ ﷿ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: اتَّقِ اللهَ، فَيَقُولُ: عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ» (٢).

[الأثر التاسع: عدم الحياء في إظهار الحق]

الله هو الحق، ويحب الحق، ويأمر بالحق، ولا يستحي من بيانه للناس، وإظهاره لهم بأنواع الأمثلة الحسية، التي تعين على فهمه وقبوله، والإعراض عما سواه من الباطل، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٦] (٣).


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (٢/ ٣١٧).
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى، رقم الحديث: (١٠٦١٩)، والبيهقي في شعب الإيمان، رقم الحديث: (٦٢١)، حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (٢٥٩٨).
(٣) ينظر: النهج الأسمى، للنجدي (٢/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>