فأمكن منهم، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهى صفة ذم مطلقا، وبذا عرف أن قول بعض العوام: خان الله من يخون. منكر فاحش يجب النهي عنه.
[القاعدة الثانية: باب الصفات أوسع من باب الأسماء، وباب الإخبار أوسع من باب الصفات.]
وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة؛ ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تَعَالَى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها، قال الله تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧)﴾ [لقمان: ٢٧]، ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تَعَالَى: المجيء، والإتيان، والأخذ، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى، كما قال تَعَالَى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)﴾ [الفجر: ٢٢]، وقال: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقرة: ٢١٠]، وقال: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١)﴾ [آل عمران: ١١]، فيوصف الله تَعَالَى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا يسمى بها، فلا يقال: إن من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه
ونصفه به.
أما ما يتعلق بباب الإخبار عنه تَعَالَى فهو أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، كالموجود، والقائم بنفسه، فإنه يخبر به عنه، ولا يدخل في أسمائه الحسنى، وصفاته العليا.