للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيورث ذلك قلبه السكينة والطمأنينة لله، فيثق بقدرته ويتوكل عليه ويصدق في الاعتماد عليه في جلب منافعه الدينية والدنيوية، وفي دفع المضار عنه الدينية والدنيوية أيضًا.

وحين يقلب نظره في السماء والأرض ويستشعر عظيم خلقها، ثم يستحضر عظمة خالقهما وفاطرهما، تستقر في نفسه مهابة الله وخشيته، ويستصغر من دون الله -جل وعلا- من العباد مهما كان مقدَّمًا معظَّمًا مبجَّلًا، فيزيد توكله واعتماده على ربه.

فهذا نبي الله هود، ليس له أنصار ولا أعوان، يصرخ في قومه ويناديهم وهم الأعداء الذين لهم السطوة والغلبة، فيقول تَعَالَى: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٤ - ٥٦] (١)، وقبله نوح يقول لقومه: ﴿يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ [يونس: ٧١].

[الأثر الرابع: التأمل في خلق السماوات والأرض]

وقد دعا الله ﷿ عباده إلى التفكر في آيات الله الكونية وما خلق في السماوات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب، وحثهم على ذلك في مواضع من كتابه، منها:


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٣٨٣ - ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>