للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَلَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ» (١)، قالها في شدة الكرب، وتحالف أهل الكفر والشرك، ولكنها الثقة بوعد الله ونصره، واليقين فيما عنده ﷿.

[الأثر الثامن: التواضع للحق، والانقياد له بعد تبينه]

إذا علم العبد أن الخير كله في الحق، وما بعد الحق إلا الضلال والشر والشقاء، تواضع له وأنقاد، ومتى ما ظهر له وبان رجع إليه مهما كان شأنه، ومهما ارتفع قدره، ومهما علت منزلته، فهذا عبدالرحمن بن مهدي يقول: «كنا في جنازة فيها عبيد الله بن الحسن، وهو على القضاء، فلما وضع السرير جلس، وجلس الناس حوله، قال: فسألته عن مسألة؛ فغلط فيها، فقلت: أصلحك الله! القول في هذه المسألة كذا وكذا، إلا أني لم أرد هذه، إنما أردت أن أرفعك إلى ما هو أكبر منها، فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: إذن أرجع وأنا صاغر!! إذن أرجع وأنا صاغر!!؛ لأن أكون ذَنَبًا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسًا في الباطل!» (٢).

ومن رد الحق بعد بيانه فهو المتكبر الظالم لنفسه؛ قال : «الكبرُ بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ النّاسٍ (٣)» (٤).


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى، رقم الحديث: (١٧٨٦٣)، وفي دلائل النبوة (٣/ ٤٠٢).
(٢) تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي (١٠/ ٣٠٨).
(٣) بطر الحق، أي: دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا، وغمط الناس، أي: احتقارهم، شرح النووي على مسلم (٢/ ٩٠).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>