لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣]، كما أنَّ هذا النوع من الهداية هو الذي نَفَاه القرآن عن الظالمين والفاسقين والكاذبين والمسرف المرتاب، وكلُّ آية في القرآن وردَتْ في نفي الهُدَى فيجب حملها على هذا النوع؛ لأن هذا فضله يختصُّ به مَن يشاء من عباده، ولا حرج في ذلك.
الأثر الثالث: محبة الهادي سُبْحَانَهُ:
لا شك أن معرفة الله الهادي تؤدي إلى محبته ﷿ وتعظيمه والثناء عليه، حيث أعطى كل شيء خلقه وهداه إلى ما لا بدَّ منه في قضاء حاجاته، وأعظم من ذلك: هدايته إليه بما أَودع في هذا الكون من الآيات الباهرات التي تدل على وحدانيته سُبْحَانَهُ، وقال تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: ٢٥] يعني: خُلِقتَ ليسعدك لا سعادة تنقطع عند الموت، بل ليسعدك إلى الأبد، وما الحياة الدنيا إلا إعداد لهذه الحياة الأبدية.
[الأثر الرابع: الدعاء باسم الله الهادي]
وهو دعاء الراسخين في العلم، يقول تَعَالَى عنهم: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٧ - ٨]، ولأن حاجتنا لطلب الهداية من مالكِها سُبْحَانَهُ أشد مِن حاجتنا إلى الطعام والشراب، أُمرنا أن نسألَ الله تَعَالَى الهدايةَ في كل ركعة من الصلاة، في قوله سُبْحَانَهُ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٦ - ٧].