للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن المخلوق قد يجبر غيره إجبارًا يكون به ظالمًا معتديًا عليه، والرب أعدل من ذلك؛ فإنه لا يظلم أحدًا من خلقه، بل مشيئته نافذة فيهم بالعدل والإحسان» (١).

فحين يستشعر العبد هذا المعنى كان عبد الله الطائع له، المتبع لما شرعه، المؤتمر بأمره، والمنتهي عن نهيه، وسلَّم لقضاء الله وقدره، متيقنًا أن ما أراده الله له هو خير لا شك في ذلك، يقول في حال المؤمن: «عَجَبًا لِأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (٢).

الأثر الثالث: الجبار سُبْحَانَهُ جابر كل كسير:

الجبار سُبْحَانَهُ ملاذ لكل عباده، كل بحسب ضعفه وحاجته وفقره، لا ناصر غيره، ولامؤمن سواه سُبْحَانَهُ، يجبر المرض بالعافية، والفقد بالعوض، والعسر باليسر، ويجبر كل محتاج بحسب حاجته.

ومن شواهد جبر الجبار لعباده ما يلي:

جبره سُبْحَانَهُ لحرقة قلب المظلوم، وأخذ حقه ولو بعد حين، ففي الحديث يقول : «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قال: ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢]» (٣).


(١) شفاء العليل (ص ١٢٩).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٩٩٩).
(٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٦٨٦)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٥٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>