وإنما الشأن في التعبد له باسمه (الآخر)، فهذه عبودية الرسل وأتباعهم، فهو رب العالمين وإله المرسلين سُبْحَانَهُ وبحمده (١).
توحيد الأسماء والصفات:
وكما أن اسمي الله الأول والآخر دالان على توحيد الربوبية والألوهية، فكذا هما دالان على توحيد الأسماء والصفات؛ إذ يدلان على اسم الله الخالق، والبارئ، والمصور، والكريم، وذو الفضل، وذو الجلال والإكرام، إلى غير ذلك من أسمائه سُبْحَانَهُ وما فيها من صفات.
الأثر الثالث: الأول والآخر سُبْحَانَهُ، مالك الإرادات ومقلب القلوب والنيات:
فعند تحقيق التوحيد في الاسم يعود الموحد بافتقاره إلى ربه، ويجعل المرجعية في فعله إلى ما اختاره لعبده الأول والآخر سُبْحَانَهُ، مالك الإرادات، ومقلب القلوب والنيات، يصرفها كيف شاء، يهدي من يشاء من عباده، ويزيده هداية على هدايته، وهذا قول الله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد: ١٧].
فهو المعد، وهو الممد، وكلما ازداد له العبد شكرًا: زاده فضلًا، وكلما ازداد له طاعة: زاده لمجده مثوبة، وكلما ازداد منه قربًا: لاح له من جلاله وعظمته ما لم يشاهده قبل ذلك، وهكذا أبدًا لا يقف على غاية ولا نهاية.
ومن شاء أن يثبته ثبته، ولذا كان دعاء الراسخين في العلم: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨].