رحمة غريزية جبل الله بعض عباده عليها، وجعل في قلوبهم الرأفة والرحمة والحنان على الخلق، ففعلوا بمقتضى هذه الرحمة جميع ما يقدرون عليه من نفعهم، بحسب استطاعتهم.
فهم محمودون مثابون على ما قاموا به، معذورون على ما عجزوا عنه، وربما كتب الله لهم بنياتهم الصادقة ما عجزت عنه قواهم.
رحمة مكتسبة يكتسبها العبد بسلوكه كل طريق ووسيلة وسبب، يجعل قلبه على هذا الوصف الكريم، ومما يعين على ذلك:
مجالسة الرحماء ومخالطتهم، والابتعاد عن ذوي الغلظة والفضاضة، فالمرء يكتسب من جلسائه طباعهم وأخلاقهم.
معرفة الآثار المترتبة عن التحلي بهذا الخلق والثمار، التي يجنيها الرحماء في الدنيا قبل الآخرة.
معرفة جزاء الرحماء وثوابهم، وأنهم هم الجديرون برحمة الله دون غيرهم، ومعرفة عقوبة الله لأصحاب القلوب القاسية؛ فإن هذا مما يدفع للرحمة، ويردع عن القسوة.
الاختلاط بالضعفاء والمساكين وذوي الحاجة؛ فإنه مما يرقق القلب ويدعو إلى الرحمة والشفقة بهم، وجاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ