للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة عن النبي قال: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ الله بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» (١).

[الأثر الرابع: الثقة بكفاية الله السميع شر الأعداء]

إذا تذكر العبد أنه ربه سميع، لا يخفى عليه شيء مما يقوله أعداء دينه وأوليائه من الكفار والمنافقين والفاسقين ونحوهم، فمكرهم مسموع، وكيدهم مسموع، وكذبهم وبهتانهم وتهمهم الباطلة مسموعة، وسبهم وشتمهم وظلمهم كله مسموع، لا يخفى على السميع العليم، كما قال سُبْحَانَهُ في الأعراب: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: ٩٨]، يسمع ما يتناجون به وما يدبرونه من الترصد، عليم بما يبطنون وبما يقصدون إخفاءه (٢).

فإذا تذكر العبد ذلك؛ أثمر في قلبه: الاطمئنان والسكينة والثقة بالله ﷿؛ لعلمه بأن ربه السميع سيكفي دينه وأولياءه شرور الأعداء بقدرته، ويمنعهم بعزته، ويرد كيدهم بقوته، ويحفظهم بحفظه، ويكلؤهم برعايته.

وهذا ما حدث مع موسى وهاورن، لما خافا من مواجهة فرعون، فقالا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ [طه: ٤٥] فذكرهم الله بسمعه وبصره، فقال تَعَالَى: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦] فزال الخوف عنهما واطمأنت قلوبهما، وانطلقا لفرعون بالرسالة، وحصل لهما الحفظ والنصر (٣).


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث:) ٦٤٧٨).
(٢) يظر: التحرير والتنوير (١١/ ١٤).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>