للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثالث: محبة الله الحفيظ]

إن التفكر والتدبر في حفظ الله للعبد يملأ القلب حبًّا للحفيظ سُبْحَانَهُ، الذي حفظ له دينه وحفظ له جوارحه، وحفظ له معاشه في هذه الدنيا؛ إذ لو خُلِّيَ بين العبد وبين المهلكات؛ لَمَا بَقِيَ على ظهرها مِن دابَّة ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾ [الأنعام: ٦١].

وهذا حفظه العام للناس- مؤمنهم وكافرهم- أما حفظه الخاص لأوليائه فشيء آخَرُ ونعمة أخرى تقتضي من أهلها المحبة العظيمة والحمد والقيام بحقوق عبوديته سُبْحَانَهُ وطاعته، وبقدر تحقيق العبودية والطاعة لله ﷿ يكون الحفظ والرعاية من الله ﷿ لعبده.

[الأثر الرابع: مراقبة العبد للحافظ الحفيظ]

إذا علم العبد أن الله ﷿ حفيظ يحفظ عليه عمله ويرصد أقواله وأفعاله ولا يفوته شيء منها، ثم هو سُبْحَانَهُ يحاسبه عليها يوم القيامة؛ دفعه ذلك إلى مراقبتهسُبْحَانَهُ في السر والعلن، في ظاهره وباطنه، في حركاته وسكناته حتى يصل إلى درجة الإحسان التي فسرها رسول الله بقوله: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (١)، فيعبد ربه مستحضرًا قربه وأنه بين يديه كأنه يراه، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم، كما جاء في رواية أبي هريرة: «أَنْ تَخْشَى اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ» (٢)، ويوجب له- أيضًا- النصح


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٥٠)، ومسلم، رقم الحديث: (٩).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>