للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (الحَفِيظ- الحَافِظ):

[الأثر الأول: إثبات ما يتضمنه اسم الله (الحافظ الحفيظ) من الصفات]

الله سُبْحَانَهُ الحفيظ الذي حفظ كل شيء ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ [سبأ: ٢١]، فلا يخرج شيء ولا يند عن حفظه، حفظ على العباد ما عملوه من خير، وشر، وطاعة، ومعصية، فلا يضيع منها شيئًا، و لا ينسى ولا يغيب عنه شيء منها لكمال علمه وحفظه، قال تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤]، وقال: ﴿قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: ٥٢].

فهو الحفيظ الذي يحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي عليهم أقوالهم، ويعلم ما تكن صدروهم، ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ [القمر: ٥٢، ٥٣]، فكل ما فعلوه من خير وشر مكتوب عليهم، مسطر في الكتب القدرية، قال السعدي : «وهذا حقيقة القضاء والقدر، وأن جميع الأشياء كلها، قد علمها الله تَعَالَى، وسطرها عنده في اللوح المحفوظ، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه» (١).

وهو الحفيظ الذي وكل ملائكة كرام كاتبين يحفظون على العباد أعمالهم، قال تَعَالَى: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ [الطارق: ٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١٠ - ١٢] (٢)، فلا يسقط من الصحف التي كتبوها شيء من عمل العبد ولو صغر،


(١) تفسير السعدي (ص: ٨٢٨).
(٢) ينظر: الحق الواضح المبين، للسعدي (ص ٥٩ - ٦١)، وفقه الأسماء الحسنى، لعبد الرزاق البدر (ص: ١٩٠ - ١٩١)، والنهج الأسمى، للنجدي (١/ ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>