للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾ [الشعراء: ٧٥ - ٨١]: «فهو وحده سُبْحَانَهُ المنفرد بذلك، فيجب أن يفرد بالعبادة والطاعة، وتترك هذه الأصنام، التي لا تخلق، ولا تهدي، ولا تمرض، ولا تشفي، ولا تطعم ولا تسقي، ولا تميت، ولا تحيي، ولا تنفع عابديها، بكشف الكروب، ولا مغفرة الذنوب، فهذا دليل قاطع، وحجة باهرة، لا تقدرون أنتم وآباؤكم على معارضتها» (١).

- دلالته على توحيد الأسماء والصفات:

وكما تقدم فاسم الله (الشافي) يدل باللزوم على الحياة والقيومية، والسمع والبصر، والعلم والقدرة، والخبرة والحكمة، والغنى والقوة، وغير ذلك من صفات الكمال.

[الأثر الثالث: التوكل على الله الشافي]

فالله سُبْحَانَهُ هو خالق الأسباب ومسبباتها، وفارق كبير بين التعلق بالأسباب، والأخذ بالأسباب، فإن من صدق توكل العبد على الله أن يأخذ بالأسباب وهو يعلم أنها لا تنفع ولا تضر إلا بإذنه تَعَالَى، ولا ترد شيئًا من أقداره، ومن أدلة ذلك: ما رواه أبو خزامة، قال: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ شَيْئًا؟ قَال: هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ» (٢).

يقول ابن القيم ﵀ في ذلك: «إن القلب متى اتصل برب العالمين خالق الداء والدواء، ومدبر الطب ومصرفه على ما يشاء، كانت له أدوية


(١) تفسير السعدي (ص: ٥٩٢).
(٢) أخرجه الترمذي، رقم الحديث: (٢٠٦٥)، وابن ماجه، رقم الحديث: (٣٤٣٧)، حكم الألباني: حسن، تخريج مشكلة الفقر، رقم الحديث: (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>