حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]، بل ويقتضي- أيضًا- رفض ما سواها من السياسات الجائرة، والأقيسة الفاسدة، والأحكام الجاهلية، والسعي بالدعوة والجهاد في سبيل الله لإقامتها حتى يكون الدين كله لله، وينعم الناس بشريعة الله ﷿ المبرأة من الجهل، والظلم، والهوى، والنقص؛ لأنها من لدن حكيم عليم.
[الأثر السادس: الثقة بكفاية العليم العالم علام الغيوب شر الأعداء]
إذا تأمل المسلم في اسم الله العليم العالم علام الغيوب، ثم نظر إلى أعداء الإسلام وتكالبهم، وعظم مكرهم وكيدهم، حتى أنهم يعملون الليل والنهار، وينفقون الأموال الطوال؛ حربًا على الإسلام وأهله- بعثت هذه الأسماء الكريمة في نفسه شعورًا بالاطمئنان واستقرار القلب، وثبوت القدم، والإقدام على مواجهة الاعداء ومقارعتهم من غير مهابة ولا وجل، وإنما ذلك لعلمه بأن المسلمين وإن قصر علمهم عن كيد عدوهم ومكرهم، إلا أن ربهم العليم القوي العزيز لا يخفى عليه من أمرهم خافية، وهو من ورائهم محيط وعليهم قدير، قال تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٤٥]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [يس: ٧٦]، وقال تَعَالَى عن المنافقين: ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال: ٦٠]، وقال تَعَالَى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: ٨٠]، وقال تَعَالَى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ