للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله السميع على التوحيد]

إن الإيمان باسم الله «السميع» يدفع العبد إلى تو حيد العبادة إذا ما تفكر فيه ونظر؛ إذ إن كل ما يعبد من دون الله إما لا يسمع كالجمادات والموتى، قال تَعَالَى: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: ١٩٧]، وقال تَعَالَى: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ﴾ [الأعراف: ١٩٥]، أو يسمع إلا أن سمعه ناقص كذوات الأرواح من الملائكة والإنس والجن والحيوان، وليس كمال السمع وعظمته إلا لله ﷿ كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] فسمعه لا يشبه ولا يماثل سمع شيء من خلقه، وإنما على وجه يليق بجلاله وعظمة سلطانه (١).

ثم إذا تقرر هذا: فهل يصح في عقلٍ ونقلٍ أن يُعبد من لا يَسمع؟ أو يُعبد من يَسمع لكن سمعه ناقص كسمع العابد؟ أو كيف يُجعل من هذا حاله ندًّا وشريكًا لله السميع البصير على وجه الكمال والجلال؟ قال تَعَالَى: ﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [المائدة: ٧٦]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٧٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>