للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون كذلك باجتناب المحرمات، ومظالم الناس كما سيأتي في الأثر التالي.

الأثر الثامن: اجتناب مظالم العباد ورد حقوقهم (١):

اسم الله الحسيب الديان دال على محاسبة الله للظالم، وأخذه بظلمه، والاقتصاص للمظلوم من ظالمه، كما جاء في الحديث عن رسول الله أن الرب ﷿ بنادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، فيقول: «أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ» (٢).

وهذا يدعو العباد إلى الحذر من الظلم واجتنابه، والخروج من المظالم وردها إلى أهلها قبل أن ترد يوم القيامة؛ فعن عائشة : «أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ يُكَذِّبُونَنِي وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي وَأَشْتُمُهُمْ وَأَضْرِبُهُمْ، فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَّبُوكَ وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافًا، لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذُنُوبِهِمْ كَانَ فَضْلًا لَكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمُ اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ»، قَالَ: فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَهْتِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللهِ:


(١) ينظر: فقه الأسماء الحسنى، للبدر (ص: ٣١٦ - ٣١٨).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>