للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ، فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ قَالَ: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللهِ. قَالَ: فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ قُلْتُ: شُرَيْحٌ. قَالَ: فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» (١)، فغيَّر رسول الله كنيته (أبا الحكم)؛ كراهية لتكنيه بهذا الاسم والتسمي به (٢).

قال الشيخ ابن عثيمين : «غيره النبي لأمرين: الأول: أن الحكم هو الله، فإذا قيل: يا أبا الحكم! كأنه قيل: يا أبا الله!

الثاني: أن هذا الاسم، الذي جعل كنية لهذا الرجل، لوحظ فيه معنى الصفة وهي الحكم؛ فصار بذلك مطابقًا لاسم الله، وليس لمجرد العلمية المحضة، بل للعلمية المتضمنة للمعنى، وبهذا يكون مشاركًا لله في ذلك، ولهذا كناه النبي بما ينبغي أن يكنى به» (٣).

[الأثر العاشر: السعي للاتصاف بالحكمة]

الحكمة من أفضل الهبات والعطايا، وصاحبها أوتي خيرًا كثيرًا، كما قال تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩]؛ لأنه خرج بها من ظلمة الجهالات إلى نور الهدى، ومن حمق الانحراف في الأقوال والأفعال، إلى إصابة الصواب فيها، وحصول السداد، ولأنه كمل نفسه بهذا الخير العظيم، واستعد لنفع الخلق أعظم نفع، في دينهم ودنياهم،


(١) أخرجه أبو داود، رقم الحديث: (٤٩٥٥)، والنسائي، رقم الحديث: (٥٤٠٢)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن النسائي، رقم الحديث: (٥٣٨٧).
(٢) ينظر: النهج الأسمى، للنجدي (١/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٣) القول المفيد على كتاب التوحيد (٢/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>