للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى هي الطريق الرئيسي إلى معرفة الله]

يقول ابن القيم : «معرفة الله سُبْحَانَهُ نوعان: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس، البر والفاجر، والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه، والمحبة له، وتعلق القلب به، والشوق إلى لقائه، وخشيته والإنابة إليه، والأنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه هي المعرفة الخالصة الجارية على لسن القوم، وتفاوتهم فيها لا يحصيه إلا الذي عرفهم بنفسه، وكشف لقلوبهم من معرفته ما أخفاه عن سواهم، وكل أشار إلى هذه المعرفة بحسب مقامه، وما كشف له منها، وقد قال أعرف الخلق به: «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» (١)، وأخبر أنه سُبْحَانَهُ يفتح عليه يوم القيامة من محامده بما لا يحسنه الآن.

ولهذه المعرفة بابان واسعان: باب التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها، والفهم الخاص عن الله ورسوله، والباب الثاني: التفكر في آياته المشهودة وتأمل حكمته فيها وقدرته، ولطفه وإحسانه، وعدله وقيامه بالقسط على خلقه.

وجماع ذلك: الفقه في معاني أسمائه الحسنى وجلالها وكمالها، وتفرده بذلك، وتعلقها بالخلق والأمر، فيكون فقيهًا في أوامره ونواهيه، فقيهًا في قضائه وقدره، فقيها في أسمائه وصفاته، فقيهًا في الحكم الديني الشرعي والحكم الكوني القدري، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم» (٢).


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٤٨٦)
(٢) الفوائد، ابن القيم، (ص: ١٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>