للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (الوكيل، الكفيل، الكافي) على التوحيد]

إذا تأمل العبد في اسم الله (الوكيل، والكفيل، والكافي) قاده ذلك لتوحيد ربه ﷿ في الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.

فأما الربوبية: فلما تدل عليه هذه الأسماء من قيام بشؤون الخلق كلهم على وجه التفرد تدبيرًا، وتصريفًا، ورزقًا، وهداية، وحفظًا، ونفعًا وضرًّا إلى غير ذلك من أفراد الربوبية، قال تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: ١٣٢] فـ «لله ملك جميع ما حوته السموات والأرض، وهو القيم بجميعه، والحافظ لذلك كله، لا يعزب عنه علم شيء منه، ولا يؤوده حفظه وتدبيره» (١)، وبهذا علم أنه الرب الحق .

وأما الألوهية: فلما تدل عليه هذه الأسماء من استحقاق الله للعبودية وحده لا شريك له؛ فإن الوكيل الذي تولى أمر العباد فتكفل بما يحتاجون إليه من الرزق، والتدبير، والرعاية، والحفظ، والوكيل الذي كفاهم همهم وغمهم وكل ما يضرهم هو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه، قال تَعَالَى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [الأنعام: ١٠٢]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: ١٧١].

واستحقاقه على وجه الخصوص الإفراد بالتوكل وتفويض الأمور إليه، قال تَعَالَى آمرًا عباده بذلك: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: ٣]،


(١) تفسير الطبري (٩/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>