للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جمع رسول الله بين التقدير والأخذ بالأسباب في قوله: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» (١)، فبسط الرزق والعمر بيد الله وتقديره، وصلة الرحم سبب من العبد متى ما قام به حصل له الموعود بإذن الله.

وكذلك كون الله هو المسعر «إِنَّ الله هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ» (٢) لا يمنع أن يكون هناك أسباب، إذا قام بها العباد اندفع عنهم الغلاء وحصل لهم الرخص، كما قيل لأحد الفضلاء: «لقد غلت الأسعار! فقال: أرخصوها بالترك» (٣).

وهكذا في سائر الأمور، فإن سنة الله وحكمته اقتضت ربط الأسباب بمسباتها، ولن تجد لسنة الله تبديلًا.

[الأثر السادس: اليقين بأن القبض والبسط لا يدل على المحبة والبغض]

إذا علم العبد اسم الله (القابض الباسط) وما فيه من التفاوت بين الخلق في البسط والقبض، لا بد أن يعلم أن البسط من الدنيا ليس دليلًا على الرضا والمحبة، وليس القبض منها دليلًا على السخط والبغض، بل ربما كان العكس، فيقبض الله على أوليائه رحمة ولطفًا بهم ومنحة عاجلة توصلهم للنعيم المقيم، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٧]، ويوسع ويبسط على أعدائه إملاءً لهم


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ينظر: إحياء علوم الدين (٣/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>