للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، فلا يستحق أن يشرك معه غيره ويعبد أحد سواه، بل هو الواحد الأحد جل في علاه.

الأثر الثالث: محبة الله تَعَالَى الحليم:

إذا نظر العبد وتأمل في كثرة ذنوبه ومعاصيه، وكيف أن ربه الحليم ستره، فلم يفضحه، ولم يقطع عنه نعمه، فضلًا عن كونه لم يعاجله بالعقوبة، ثم التفت عن يمينه ويساره فوجد فلانًا قريبه على معصية، وصديقه فلانًا على معصية أخرى، والكل ينعَم بحلم الله، ولولا حلمه لهلك، وهلك أحبابه والناس أجمعون! قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر: ٤٥]؛ قاده ذلك التأمل والنظر إلى محبته حق المحبة وأعظمها.

[الأثر الرابع: عدم الاغترار بحلم الله]

إذا تيقن العبد معنى اسم الله (الحليم) وما فيه من كمال وسعة، فعليه أن يضم لهذا اليقين يقينًا آخر، فالله الحليم حسيب يحفظ عمل العبد ولا يخفى عليه شيء منه، والله الحليم قدير لا يعجزه أحد من خلقه ولا يفوته، بل الكل في قبضته، والله الحليم قوي عزيز لا يغلبه أحد ولا يمتنع عليه ممتنع، والله الحليم شديد العقاب، والله الحليم منتقم، والله الحليم بطشه شديد، يمهل ولا يهمل، فإذا أَخَذَ أَخَذَ أَخْذَ عزيزٍ مقتدرٍ، قال رسول الله : «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قال: ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢]» (١).


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٦٨٦)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>