للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (المحسن)]

[الأثر الأول: إثبات ما يتضمنه اسم الله (المحسن) من الصفات]

لما كان لله ﷿ كمال الحُسن في الأسماء والصفات ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨] كان كذلك في الأفعال؛ فهو سُبْحَانَهُ المحسن في فعله كله إيجادًا وإنعامًا، وإمدادًا وحكمًا، وهداية وجزاء.

وإحسانه عام وخاص:

فأما العام (١): فعم إحسانه الخلق أجمع، وغمرهم بجوده وفضله، فلا يخلو موجود من إحسان المحسن طرفة عين، بل لا قيم لهم إلا بإحسانه وإنعامه.

أحسن المحسن إلى الخلق بالإيجاد من العدم، قال تَعَالَى على وجه الامتنان: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١]، ثم أحسن إليهم بأن أوجدهم على وجه محمود في غاية الإحكام والإتقان، فلا يرى في خلقهم خلل، ولا نقص، ولا فطور، قال تَعَالَى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: ٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾ [الأعلى: ٢]، أي: «خلق الخليقة، وسوى كل مخلوق في أحسن الهيئات» (٢)، فأبدع خلقه، وأحكم صنعه، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات، وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته، وهيئته، وجعله وافيًا بالمقصود من خلقه، «فصلابة الأرض مثلًا للسير عليها، ورقة الهواء؛


(١) ينظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، للقرطبي (١/ ٥١٢).
(٢) تفسير ابن كثير (٨/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>