للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجوع والعطش، والتعب والنصب، وأضدادها، فتلك المحن والبلايا شرط في حصول الكمال الإنساني والاستقامة المطلوبة منه، ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع.

ومنها: أن امتحانهم بإدالة عدوهم عليهم يمحصهم، ويخلصهم، ويهذبهم؛ كما قال تَعَالَى في حكمة إدالة الكفار على المؤمنين يوم أحد: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩ - ١٤١]» (١).

[الأثر الثالث: استشعار قرب الله الخاص من عباده المؤمنين]

ولأنه سُبْحَانَهُ «الباطن» الذي ليس دونه شيء، فهو سُبْحَانَهُ أقرب إلى كل شيء، ومن أعظم ثمرات الإيمان به سُبْحَانَهُ: استشعار قرب الله الخاص من عباده المؤمنين.

يقول ابن القيم : «وأما القرب المذكور في القرآن والسنة فقرب خاص من عابديه وسائليه وداعيه، وهو من ثمرة التعبد باسمه الباطن، قال تَعَالَى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦].

ومن رام هذا القرب سعى لتحصيل أسبابه (٢)، فهو القريب سُبْحَانَهُ لمن دعاه ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦] وهو القريب سُبْحَانَهُ ممن


(١) إغاثة اللهفان (٢/ ١٨٧).
(٢) ستأتي مفصلة في اسم الله «القريب» سُبْحَانَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>