للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسخر لهم البحر، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ١٤]

تسير سفنه بتسخيره في البحر العجاج، وتلاطم الأمواج، تجري بأهلها بريح طيبة، ورفق وتؤدة، فيحملون فيها ما شاءوا من متاجر وبضائع ومنافع، من بلد إلى بلد، وقطر إلى قطر، ويأتون بما عند أولئك إلى هؤلاء، كما ذهبوا بما عند هؤلاء إلى أولئك، مما يحتاجون إليه، وجعل فيها الأسماك والحيتان وأحلها لهم في الحل والحرم، وخلق فيه اللآلئ والجواهر النفيسة، وسهل للعباد صيدها واستخراجها من قرارها (١).

ومن نظر في هذا كله وتأمله أوجب له ذلك حمد فاطر السموات والأرض ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [فاطر: ١]، وشكره على ما أنعم وأولى، والاستعانة بهذه النعم على طاعته، وترك الاستعانة بشيء منها على معصيته (٢).

[الأثر السابع: التدرج والأناة في سائر الأمور]

إن المتدبر في اسم الله فاطر السماوات والأرض، يجد التدرج يظهر جليًّا في خلق الله للسموات والأرض، فقد فطرهما سُبْحَانَهُ في ستة أيام، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [الحديد: ٤] مع أنه قادر على خلقهما في لحظة واحدة، وبكلمة واحدة (كن) ولكن مع أنه قدير، فهو حكيم رفيق، فمن حكمته ورفقه، أن جعل خلقها في هذه المدة المقدرة (٣).


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦٢) (٥/ ٤٥١)، تفسير السعدي (ص: ٥٤٤).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٦٤٩).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٧٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>