للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: دلالة اسمي الله (الكريم والأكرم) على التوحيد]

إذا تأمل العبد اسمي الله الكريم والأكرم وما تضمناه من عظيم الجود والعطاء، وعلم أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة كلها منه خلقًا وتسخيرًا، وأنه لا أحد من الخلق يملك ذلك؛ تيقن أنه المستحق للعبادة وحده دون ما سواه (١).

وقد نبه الله ﷿ عباده على هذا المعنى، فبعد ما ذكر في سورة النحل «ما خلقه من المخلوقات العظيمة، وما أنعم به من النعم العميمة ذكر أنه لا يشبهه أحد ولا كفء له ولا ند له، فقال تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: ١٧]، أفمن يخلق جميع المخلوقات وهو الفعال لما يريد ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ شيئًا لا قليلًا ولا كثيرًا ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ فتعرفون أن المنفرد بالخلق أحق بالعبادة كلها، فكما أنه واحد في خلقه وتدبيره فإنه واحد في إلهيته وتوحيده وعبادته» (٢).

الأثر الثالث: تأملات في كرم الكريم سُبْحَانَهُ:

عبادة التأمل والتفكر هي عبادة أولي الألباب الذين أثنى الله عليهم ومدحهم بقوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: ١٩٠ - ١٩٢].

وإذا آمن العبد باسم الله الكريم وتأمل فيه؛ ظهر له كرمه في أمور كثيرة،


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١٢٥).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>