للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الرابع: الرضا بأقدار العليم العالم علام الغيوب]

إن يقين العبد باسم ربه العليم العالم علام الغيوب وما فيه من العلم السابق للأشياء قبل وقوعها، وكتابته لها في اللوح المحفوظ قبل خلقها، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: ٧٠]، وقوله تَعَالَى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: ٢٢]- كله داع إلى التسليم والرضا والاطمئنان لحكم الله ﷿، ولو كان مكروهًا للنفس، شديدًا عليها، لا سيما إذا ضم إليه اليقين بحكمة الله ﷿، وأنه لم يقدِّر ما قَدَّر عبثًا ولا لهوًا ولا سفاهة وطيشًا.

ولهذا المعنى نجد أنبياء الله ﷿ يذكرون علم الله كعزاء لهم في ما يواجههم من المصائب والآلام، فهذا نبي الله يعقوب يقول عند فقد أبنائه الثلاثة: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [يوسف: ٨٣]، ولما عاتب الله نوح على سؤاله لابنه، قال معتذرًا: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [هود: ٤٧].

ونجد الله ﷿ يختم الآيات التي يذكر فيها تفاوت أرزاق الناس بعلمه سُبْحَانَهُ، كما في قوله تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [العنكبوت: ٦٢]، وقال تَعَالَى: ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الشورى: ١٢].

وإن من التسليم لقدر الله واختياره المبني على علم «دعاء الاستخارة»؛ إذ فيه التسليم لله وتفويض الحكم والاختيار إليه؛ لتمام علمه وخبرته وقدرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>