للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما تجدر الإشارة إليه: أن المؤمن مكلف بالعفو مع الإصلاح، يقول تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [الشورى: ٣٩ - ٤٠].

ومن فضل الله وسعة كرمه: أنه لم يلزم عباده بالعفو عمن أساء إليهم، يقول تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى: ٣٩ - ٤١].

يقول ابن القيم في ذلك: «فذكر المقامات الثلاثة: العدل وأباحه، والفضل وندب إليه، والظلم وحرمه، فإن قيل: فكيف مدحهم على الانتصار والعفو وهما متنافيان، قيل: لم يمدحهم على الاستيفاء والانتقام، وإنما مدحهم على الانتصار، وهو القدرة والقوة على استيفاء حقهم، فلما قدروا ندبهم إلى العفو، قال بعض السلف في هذه الآية: كانوا يكرهون أن يستذلوا، فإذا قدروا عفوا، فمدحهم على عفو بعد قدرة لا على عفو ذل وعجز ومهانة، وهذا هو الكمال الذي مدح سُبْحَانَهُ به نفسه في قوله تَعَالَى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [النساء: ١٤٩]» (١).

[الأثر السادس: الدعاء باسم الله العفو]

عفو الله تَعَالَى من أعظم العطاء الذي يعطيه الله لعبده، ولذا كان رسول الله كثير السؤال به، وعن ابن عمر ، قال: «لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح: اللهمَّ إِنِّي


(١) الروح (ص: ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>