للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر السابع: قمع وساوس الشيطان المهلكة للإنسان]

في اسم الله الظاهر والباطن جماع المعرفة بالله وجماع العبودية له، كما أن فيها قمعًا للوساوس المهلكة، والشكوك المردية التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان؛ بغية إهلاكه وصرفه عن الإيمان.

وقد بين لنا ابن عباس العلاج من وساوس الشيطان، عن أبي زميل سماك بن الوليد قال: «سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي صَدْرِي قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: وَاللهِ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ لِي: أَشَيْءٌ مِنْ شَكٍّ؟ قَالَ وَضَحِكَ قَالَ: مَا نَجَا أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ ﷿ ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [يونس: ٩٤] الآية، قَالَ: فَقَالَ لِي: إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣]» (١)، فأرشد إلى هذا الذكر الحكيم لطرد الوساوس، وقطع الشكوك.

يقول ابن القيم : «فأرشدهم بهذه الآية إلى بطلان التسلسل الباطل ببديهة العقل، وأن سلسلة المخلوقات في ابتدائها تنتهي إلى أول ليس قبله شيء، كما تنتهي في آخرها إلى آخر ليس بعده شيء، كما أن ظهوره هو العلو الذي ليس فوقه شيء، وبطونه هو الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شيء، ولو كان قبله شيء يكون مؤثرًا فيه لكان ذلك هو الرب الخلاق، ولا بد أن ينتهي الأمر إلى خالق غير مخلوق وغني عن غيره، وكل شيء فقير إليه قائم بنفسه، وكل شيء قائم به موجود بذاته، وكل شيء موجود به.


(١) أخرجه أبو داود، رقم الحديث: (٥١١٠)، والبيهقي في الدعوات الكبير، رقم الحديث: (٦١٣)، حكم الألباني: حسن، صحيح وضعيف سنن أبي داود، رقم الحديث: (٥١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>