للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كتب سُبْحَانَهُ ما علم في اللوح المحفوظ، كما جاء في الحديث عن رسول الله : «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ الله الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» (١).

ثم إنه شاء ما كتب، فخلق الخلق بناء عليه، ووزع أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم، وما يصيبهم من الأشياء من الرخاء والشدة بناء على ما كتب (٢).

فكل شيء كائن كما علم، وكتب، وشاء، وخلق ، فما شاء كان ولو حاول منعه كل ممانع، وما لم يشأ لم يكن ولو حاول إيجاده كل موجد، وقدره نافذ لا محاله، قال تَعَالَى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨]، قال ابن كثير : «وكان أمره الذي يقدره كائنًا لا محالة، وواقعًا لا محيد عنه ولا معدل، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن» (٣).

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (القدير، القادر، المقتدر) على التوحيد]

إذا تأمل العبد في ضعفه وضعف المخلوقات من حوله وعجزهم؛ إذ لا يملك أحد منهم قدرة على الخلق، ولا النفع، ولا الضر، ولا العطاء، ولا المنع، ولا النصر، ولا الامتناع كما قال تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ


(١) أخرجه أبو داود واللفظ له، رقم الحديث: (٤٧٠٠)، والترمذي، رقم الحديث: (٢١٥٥)، حكم الألباني: صحيح، صحيح سنن أبي داود، رقم الحديث: (٤٧٠٠).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٢٧٧).
(٣) تفسير ابن كثير (٦/ ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>