للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم : « … وأما جمال الذات وما هو عليه، فأمر لا يدركه سواه، ولا يعلمه غيره، وليس عند المخلوقين منه إلا تعريفات تَعَرَّفَ بها إلى مَن أكرمه مِن عباده؛ فإن ذلك الجمال مصون عن الأغيار محجوب بستر الرداء والإزار، كما قال رسول الله فيما يحكي عنه-: (الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي … ) (١)، قال ابن عباس : (حجب الذاتَ بالصفات، وحجب الصفات بالأفعال، فما ظنك بجمالٍ حُجِبَ بأوصاف الكمالِ، وسُتِرَ بنعوت العظمة والجمال)» (٢).

[الأثر الرابع: الجمال الحقيقي جمال المخبر لا المظهر]

الله جميل يحب الجمال، والجمال الحقيقي هو جمال المخبر لا جمال المظهر، فالقلب هو محل نظر الرب، والسلامة منوطة به في قوله تَعَالَى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٨٨].

يقول الشيخ ابن عثيمين في شرح حديث: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» (٣): «هذا الحديث يدل على ما يدل عليه قول الله تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣]، فالله لا ينظر إلى العباد إلى أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة، أو صحيحة، أو سقيمة، ولا ينظر إلى الصور، هل هي جميلة أو ذميمة، كل هذا


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٩٠١٦)، وأبو داود، رقم الحديث: (٤٠٩٠)، وهو عند مسلم بنحوه، رقم الحديث: (٢٦٢٠)، حكم الألباني: صحيح، مشكاة المصابيح، رقم الحديث: (٥١١٠).
(٢) الفوائد، لابن القيم (ص: ١٨٢).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>