للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المعلوم أن اعتقاد العبد وإيمانه بأن الشافي هو الله وحده، وأن الشفاء بيده ليس مانعًا من بذل الأسباب النافعة بالتداوي، وطلب العلاج، وتناول الأدوية المفيدة، فقد جاء عن النبي أحاديث عديدة في الأمر بالتداوي، وذكر أنواع من الأدوية النافعة المفيدة (١)، وهذا لا ينافي التوكل على الله واعتقاد أن الشفاء بيده.

[الأثر الثاني: توحيد الله باسمه (الشافي)]

- دلالته على توحيد الألوهية والربوبية:

إن الله ﷿ هو القدير الحكيم، فبالقدرة خلق الأشياء وأوجدها وهداها وسيَّرها، وانفرد بذلك دون سواه، وهذا توحيد الربوبية، وبالحكمة رتب الأسباب ونتائجها وابتلانا بها، وعلق عليها الشرائع والأحكام تحقيقًا لتوحيد العبودية، والعبد المؤمن يوقن تمامًا بأن الشفاء بيد الله وحده، «وأن الأخذ بالأسباب في تحصيل المنافع ودفع المضار في الدنيا، أمر مأمور به شرعًا، لا ينافي التوكل على الله بحال؛ لأن المكلف يتعاطى السبب امتثالًا لأمر ربه، مع علمه ويقينه أنه لا يقع إلا ما يشاء الله وقوعه، فهو متوكل على الله، عالم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له من خير أو شر، ولو شاء الله تخلُّف تأثير الأسباب عن مسبباتها لتخلَّف» (٢).

وفي ذلك يقول السعدي عند قوله تعالى: ﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)


(١) سيأتي مزيد بيان في الأثر الثالث.
(٢) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، للشنقيطي، (٣/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>