للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة وتفصيلًا؛ ولذا جاء الشفاء مخصصًا في قوله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: ٨٠] بـ (هو)، وكذلك أكدها النبي في الحديث: «اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ» (١)، ومن دلائل ذلك أيضًا ما يلي:

قول جبريل للنبي حين عاده في مرضه، فعن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي فقال: «يَا مُحَمَّدُ، اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ» (٢)، فجبريل هو خير الأطباء من الخلق؛ لأنه يعالج بالوحي، والمريض هو خير الناس وأطيبهم بدنًا ونفسًا، وهو رسول الله ، والدواء هو خير دواء؛ لأنه رقية (بسم الله الشافي)، ومع ذلك فإن جبريل يتبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته، ويقول: «الله يَشْفِيكَ» أي: أن الرقية مني، ولكن الشفاء كله من الله وحده.

ما أكرم الله به نبيه عيسى من شفاء المرضى، وإبراء الأعمى فيبُصر، والأبرص فيُشفى، وحتى إحياء الموتى، ولكن هذا كله بإذن الله، وهذا ما قاله نبي الله عيسى في قوله تَعَالَى: ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٤٩].

قصة أصحاب الأخدود، عندما جاء جليس الملك وقد عمي إلى الغلام المؤمن بهدايا، وقال: «مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ» (٣).


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢١٨٦).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٣٠٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>