للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودينارها، واقتطف من لذته أزهارها، وخاض في الشهوات في جميع أوقاته، وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه، إذ أصابه الموت أو التلف لماله، فذهب عنه سروره، وزالت لذته وحبوره، واستوحش قلبه من الآلام وفارق شبابه وقوته وماله» (١).

فإذا علم العاقل هذا، وعلم أنه سيعود لربه وحيدًا بلا مال ولا ولد ولا أهل ولا أنصار ولا أعوان، لا يتبعه قليل ولا كثير إلا عمله خيره وشره (٢)، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ [مريم: ٨٠]، وقال: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤]؛ لم يتعلق بالدنيا وزخرفها، ولم يغتر بنعيمها وحبورها، ولم يصحبها صحبة البهائم، ويتمتع بها تمتع السوائم، بل يجعلها منزل عبور لا محل حبور، وشقة سفر، لا منزل إقامة، ووسيلة يتزود بها لأخرته، ومتجرًا يربح به الفوائد الفاخرة، فلا تكون هي محط نظره ومحور اهتمامه ومدار عمله وأمله، بل يظل مدركًا أن الله وارثها وأن بقاءه فيها قنطرة للآخرة، وأن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير مردًّا (٣).

الأثر السابع: الإنفاق في سبيل الوارث -:

فكل الأموال والأرزاق هي ملك لله أورثها عباده، واستخلفهم فيها، وليست ملكًا لهم، بل لولا فضل الله وإحسانه وتوريثه لم يصل إليهم منها شيء،


(١) تفسير السعدي (ص: ٤٧٠).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٨/ ٢٤٩)، تفسير السعدي (ص: ٥٠٠).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١٢٤، ٤٧٠، ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>