الأثر السادس: لا نحصي ثناء على الحميد سُبْحَانَهُ:
من تأمل الشواهد القرآنية وجد أن الحميد سُبْحَانَهُ نوَّع حمده، وأسباب حمده، فجمعها تارةً وفرقها أخرى؛ ليتعرف العبيد على ربهم، ويتعلموا كيف يحمدوه ويثنوا عليه.
ويمكن تقسيم هذه المحامد والنعم إلى قسمين:
محامد ونعم دينية:
حمده على وحدانيته، وتعاليه عن الشريك والنظير والمثيل:
فإن من أعظم نعم الحميد سُبْحَانَهُ أن جعلنا عبيدًا له خاصة، ولم يجعلنا منقسمين بين شركاء متشاكسين، فالحميد سُبْحَانَهُ حمد نفسه على ربوبيته للعالمين، فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠]، وعلى تفرده وامتناعه عما ينافي الكمال من اتخاذ الولد والشريك، فقال تَعَالَى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١].
وحمد نفسه بكونه حيًّا لا يموت؛ لتضمنه كمال حياته، فقال تَعَالَى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٥]، ولنعلم بأن حقيقة الحمد تابعة لإثبات أوصاف الكمال، ولهذا لا يحمد نفسه سُبْحَانَهُ بعدم إلا إذا كان متضمنًا لثبوت كمال.
حمده على كمال ملكه:
يقول الله -حامدًا نفسه على كمال ملكه-: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي