للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من له الدوام والكمال، قال سُبْحَانَهُ: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٥]، وعلم أن كل من عداه لا يستحق شيئًا من العبادة؛ إذ كيف يتخذ من يبيد فيزول، ويموت فيفنى، إلهًا يعبد مع الإله الذي لا يبيد ولا يموت؟! تَعَالَى الله عن ما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا (١).

ثم إن العبد إذا تأمل في توريث الله الأرض لأهل التوحيد وإكرامه لهم، وإهانته وعقوبته لأهل الشرك قاده ذلك إلى التوحيد، وعلم أنه سبيل النجاة، وأن الشرك سبيل الهلاك والبوار (٢).

الأثر الثالث: التوكل على الوارث سُبْحَانَهُ:

فالإنسان يخاف ويقلق على ما يتركه من بعده من ذرية ومال، ويخشى عليهم الضياع، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ٩]، ولكن العبد إذا علم أن ربه الوارث وهو خير الوارثين، وخير من يخلف بخير، وأرحم بعباده منه؛ تعلق قلبه به وتوكل عليه فيما خلف وراءه، فينشرح صدره ويطمئن لوراثته ﵎ (٣).

وخير شاهد على حسن وراثة الله للعبد في ذريته: قوله تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٨٢]، قال ابن كثير ﵀: «وذكر


(١) ينظر: تفسير الطبري (٦/ ١٥٧).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١٢٥).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>