للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: لا راد لأمر الله]

فالله تَعَالَى لا يقع في ملكه إلا ما يريد وما يشاء؛ فهو الجبار الذي تنفذ مشيئته جبرًا، وتظهر أحكامه قهرًا، ولا يخرج أحد عن قبضة تقديره ولا ينفذ أحد من مشيئته في تقديره وأحكامه، وليس ذلك إلا لله، ذي العزة والمنعة في القدر والقهر، يقول تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]، ويقصد بالإرادة هنا: الإرادة الكونية.

ولذا لا بد من الإشارة إلى الفرق بين الإرادة الكونية القدرية، والإرادة الشرعية الدينية باختصار، كالتالي:

١ - الإرادة الكونية:

وهي مطابقة للمشيئة، والمقصود بها: أن كل ما يحصل في هذا الكون فهو بمشيئة الله وقدره وخلقه، ومن هنا سميت بالإرادة الكونية والقدرية والخلقية، وهذه الإرادة لا يخرج عنها شيء مهما كان صغيرًا؛ قال تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]، فهي تشمل النفع والضر، الطاعة والمعصية؛ يقول تَعَالَى: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الفتح: ١١]، ويقول أيضًا: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [الأنعام: ١٢٥].

٢ - الإرادة الشرعية:

وهي مطابقة للمحبة، والمقصود بها: أن كل ما يشرعه الله من الأحكام ويأمر به فهو مراد لله، بمعنى: محبوب له تَعَالَى، ويمثل دينه الذي ارتضاه،

<<  <  ج: ص:  >  >>