إذا تعرف العبد على اسم ربه الحكم الحكيم وشاهد آثارهما من إنزال الكتاب الحكيم الذي به يخرج العبد من الظلمات إلى النور ويهدى به الصراط المستقيم، وشهد الخلق البديع والصنع المتقن للكون حوله، وتسخير ذلك كله له ولبني جنسه؛ فطابت بذلك حياتهم ونعمت، وشهد حكمه البالغة في أقداره، والمصالح الكبرى في شرعه التي حفظ بها للإنسان دينه، ونفسه، وعقله، وماله، وعرضه، وكفل له بها الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة؛ ساق ذلك كله قلبه للتعلق به والتوجه له بالمحبة والذل.
[الأثر السادس: التعامل مع أحكام الحكيم بما يحب]
إذا تأمل العبد في اسم الله (الحكم- الحكيم) وشهد آثارهما في خلقه وشرعه، تعامل مع أحكامهسُبْحَانَهُ بما يجب عليه تجاهها، وقد أوضح ذلك ابن القيم ﵀، فقال:
«الأحكام ثلاثة:
الأول: حكم شرعي ديني: فهذا حقه أن يُتَلَقَّى بالمسالمة والتسليم، وترك المنازعة، بل الانقياد المحض، وهذا تسليم العبودية المحضة، فلا يعارَض بذوق ولا وجد، ولا سياسة، ولا قياس ولا تقليد، ولا يرى إلى خلافه سبيلًا ألبتة، وإنما هو الانقياد المحض والتسليم والإذعان والقبول، فإذا تلقى بهذا التسليم والمسالمة إقرارًا وتصديقًا؛ بقي هناك انقياد آخر وتسليم آخر له، إرادة وتنفيذًا وعملًا، فلا تكون له شهوة تنازع مراد الله من تنفيذ حكمه، كما لم تكن له شبهة تعارض إيمانه وإقراره، وهذا حقيقة القلب السليم الذي سلم