للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسًا: كيف تحقق الاستعانة:

من معينات ووسائل تحقيق صدق الاستعانة بالله تَعَالَى ما يلي:

[١ - صدق العبودية]

فكلما تعلقت القلوب بالله، وعلمت بأنه وحده المستعان، وانقطعت عن الخلق وما في أيديهم؛ كان ذلك دليلًا على صدق الاستعانة بالله.

يقول ابن القيم في ذلك: «فإذا التزمت عبوديته أعانك عليها، وكلما كان العبد أتم عبودية كانت الإعانة من الله أعظم» (١)، وهذا هو تحقيق معنى قول العبد: (لا حول ولا قوة إلا بالله) والمعنى: أن العبد لا يتحول حاله من حال إلى حال، ولا قوة له على ذلك إلا بالله ﷿» (٢)، وفي أحوال الأنبياء خير شواهد على ذلك، ومنها:

انقطاع قلب يعقوب عن الخلق وتعلقه بالمستعان سُبْحَانَهُ، فرغم المصيبة الكبرى التي يخبره أولاده بها يردد: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ [يوسف: ١٨]، فكانت إعانةُ الله له إخراجًا من البدو، ودخولًا على الابن، وقد اعتلى خزائن مصر في صورة تسر الأب المكلوم، يقول تَعَالَى في وصف ذلك: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [يوسف: ٩٩ - ١٠٠].


(١) مدارج السالكين (١/ ٧٦).
(٢) جامع العلوم والحكم، لابن رجب (ص: ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>