والحياء من الله أعظم الحياء شأنًا وأعلاه مكانة، وينشأ عن أمور ثلاثة:
الأول: رؤية نعمة الله ومنته وفضله على العبد.
الثاني: رؤية تقصير العبد في حق الله، وقيامه بما يجب عليه من امتثال أوامره واجتناب نواهيه.
الثالث: رؤية اطلاع الله على العبد في كل أحواله وشؤونه.
فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة في القلب، تحرك فيه الحياء من الله، الذي ينشأ عنه كل خير وفضيلة كما قال ﷺ:«الحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ»(١)، فإذا وجد انكفت النفس عن الأخلاق الرذيلة، والمعاملات السيئة والأفعال المحرمة، وأقبلت النفس على فعل الواجبات، والعناية بمكارم الأخلاق وعظيم الآداب وجميلها.
[الأثر الرابع: محبة الله الشهيد]
إذا علم العبد أن الله شهيد، وأنه يراه ويسمع كلامه، ويعلم سره وعلانيته، وهو أقرب إليه من نفسه وشهد ذلك كله، أورثه هذا حبه والسعي إلى مرضاته.
على العبد إذا علم أن الله شاهد على جميع شئونه أن يؤدي حق الشهادة، ومن ذلك:
١ - الإشهاد فيما أمر الله أن يشهد فيه، كالإشهاد في أداء مال اليتيم، قال تَعَالَى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ
(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦١١٧)، ومسلم، رقم الحديث: (٣٧).