للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ والهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى والخَيْرِ، فَيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللهِ حُمْرَ النَّعَمِ» (١).

ولا يمنع ذلك الأخذ بالأسباب طلبًا للغنى والفضل، والتقوي على طاعة الله، وحفظ النعمة، وإغناء الفقراء من فضل الله، مع ملازمة الاعتقاد بأن في القلب فاقة عظيمة، وضرورة تامة وحاجة شديدة، لا يسدها إلا فوزه بحصول الغنى القلبي، الذي إن حصل للعبد حصل له كل شيء، وإن فاته فاته كل شيء، فكما أنه سُبْحَانَهُ الغنى على الحقيقة ولا غنى سواه، فالغنى به هو الغنى في الحقيقة ولا غنى بغيره ألبتة، فمن لم يستغن به عما سواه تقطعت نفسه على السوى حسرات، ومن استغنى به زالت عنه كل حسرة، وحَضَرَهُ كل سرور وفرح.

فما أسعد من تعفف عن الناس واستغنى بربه سُبْحَانَهُ في قضاء حوائجه وطلب رزقه، قال : «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفُّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِي أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» (٢).

[الأثر السابع: للغنى أسباب تطلب]

الغنى والعطاء بيد من له ملك الأرض والسماء، فلا يغتني أحد إلا بإذنه، ولا يُرزق أحد إلا من عطائه، أمر عباده بصدق التوكل عليه واليقين بما لديه، مع تمام بذل أسباب الغنى والعطاء، ومن أسباب نيل الغنى ما يلي:


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٩٢٣).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (١٤٦٩)، ومسلم، رقم الحديث: (١٠٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>