ومن أحب الفتاح سُبْحَانَهُ أكثر من التضرع إليه بأن يفتح قلبه لهدايته، ومعرفة الحق والانقياد له، وأن يسأله الفتح لأبواب الرزق والخير والنصر.
[الأثر الرابع: اليقين بفتح الله تعالى]
فمن آمن باسم الله الفتاح اطمأنت نفسه، وارتاح قلبه؛ وعلم أن ما يفتحه رب العالمين للناس من رحمته وإنعامه عليهم لا يقدر أحد كائنًا ما كان أن يمسكه عنهم، وما يمسكه عنهم من رحمته وإنعامه لا يقدر أحد كائنًا من كان أن يرسله إليهم، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، يقول تَعَالَى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٢].
فلا يخاف المؤمن ضياع رزقه، أو انتهاك حقه، فالفتاح سيفتح ويكشف الحقائق ولو بعد زمن، كما برأ سُبْحَانَهُ أم المؤمنين عائشة ﵂ حين اتهمت في عرضها، فقالت وهي موقنة واثقة بنصر الله: والله لا أقول إلا كما قال يعقوب ﵇: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨]، فجاء الفتح من الله و الحكم ببراءتها في عشر آيات في سورة النور، تُقرأ إلى يوم القيامة.
بل مهما طال ليل الظالم وكثر بغيه وظلمه للعباد؛ لا بد أن يفتح الله بين عباده بحكمه ونصره لمن اتبعه، ومهما تأخر ذلك النصر أو أبطأ ذلك التمكين فلا يتطرق الشك إلى الموحدين، فله سُبْحَانَهُ الحكمة من تأخير الفتح والنصر والتمكين، فلابد أن النصر آت، يقول تَعَالَى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤].