للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (المجيد) على التوحيد]

في اسم الله (المجيد) دلالة على اتصاف الله ﷿ بصفات الكمال؛ «فإن من ليس له صفات كمال ولا أفعال حميدة فليس له من المجد شيء، والمخلوق إنما يصير مجيدًا بأوصافه وأفعاله، فكيف يكون الرب مجيدًا وهو معطل عن الأوصاف والأفعال، تَعَالَى الله عما يقول المعطلون علوًّا كبيرًا» (١).

بل فيه دلالة على كثرة هذه الصفات وعظمتها، قال ابن القيم : «وصف نفسه بالمجيد، وهو المتضمن لكثرة صفات كماله وسعتها وعدم إحصاء الخلق لها» (٢)، فليست صفاته محصورة بصفة أو صفتين ولا سبع ولا ثمان، بل لا تدخل تحت الحصر، ولا تحد بعدد معين كما قال في الدعاء: «أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ» (٣)، وإذا عرف العبد هذا واعتقده؛ حقق شيئًا من توحيد الأسماء والصفات.

ثم إذا تأمل في هذا الاسم وما فيه من الكمال، لا سيما في الصفات والأفعال، علم أنه المستحق للعبادة وحده دون ما سواه، فمن له العلم المحيط بكل الأشياء والقدرة العامة والرحمة الواسعة التي ملأت جميع العوالم، والحمد والمجد والكبرياء والعظمة هو الجدير بالعبادة والذل والخضوع،


(١) التبيان في أقسام القرآن (٢/ ٩٥).
(٢) المرجع السابق (٢/ ٩٥).
(٣) أخرجه أحمد، رقم الحديث (٤٤٠٤)، حكم الألباني: صحيح، تخريج الكلم الطيب، رقم الحديث (١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>