للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون عليه وبالًا وعقابًا، حتى يقول يوم القيامة حين يرى العذاب: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠].

[الأثر السابع: دعاء الله السميع]

إذا علم العبد أن من معاني اسم الله السميع: المجيب للدعاء؛ دفعه ذلك العلم إلى الإكثار من مناجاة السميع القريب، وسؤاله من حاجات الدنيا والآخرة، من غير ملل أو يأس من كشفه للشدائد وقضائه للحوائج.

كما يدفعه أيضًا إلى التوسل إلى الله ﷿ باسمه «السميع»، لا سيما وأنه مظنة الإجابة؛ فقد دعا زكريا ربه: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران: ٣٨] (١)، فأجابه السميع، فرزقه الولد وأرسل له الملائكة بالبشرى ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: ٣٩]، بل زاده في الجواب والعطاء، فأصلح له زوجه، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: ٩٠].

ودعا إبراهيمُ بالولد، فما لبث أن قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٩].

ودعا يوسف : ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي


(١) وفي هذا الدعاء يقول ابن القيم : «فقد قيل: إنه دعاء المسألة؛ والمعنى: أنك عودتني إجابتك وإسعافك، ولم تشقني بالرد والحرمان، فهو توسل إليه تَعَالَى بما سلف من إجابته له وإحسانه إليه، وهذا كقوله: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤]». بدائع الفوائد (٣/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>