للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «لفظ السجود، فإنه إنما يستعمل في غاية الذل والخضوع، وهذه حال الساجد» (١).

[الأثر السابع: الزهد في دار الفناء، والعمل لدار البقاء]

الله تَعَالَى هو الحي الدائم الذي لا يزول، وكل الخلائق إلى زوال ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦، ٢٧] ومهما أعطي العبد من العمر فلا بد أن ينقضي يومًا ما، أما الحياة الدائمة السرمدية التي يهبها الله لعبادة فإنما هي في الدار الآخرة: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٤]، قال ابن كثير : «أي: الحياة الدائمة الحق، الذي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرة أبد الآباد» (٢).

وجاء عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول الله : «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ. ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٩)﴾ وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا، ﴿وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [مريم: ٣٩] (٣).


(١) جامع الرسائل، لابن تيمية (١/ ٣٤).
(٢) تفسير ابن كثير (٦/ ٢٩٤).
(٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٧٣٠)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>