للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فحري بمن عرف اسم الله الودود وآمن به أن يوحده سُبْحَانَهُ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ويستغني به عن خلقه، فيسأله وده ورحمته وفضله وهبته.

الأثر الثاني: محبة الودود سُبْحَانَهُ:

إن محبة الله سُبْحَانَهُ من الفطرة التي فُطرت القلوب عليها، يقول ابن تيمية : «والقلب إنما خُلق لأجل حب الله تَعَالَى، وهذه الفطرة التي فطر الله عليها عباده، كما قال النبي : «ما مِنْ مَوْلُودٍ إلاَّ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٠] (١)، فالله سُبْحَانَهُ فطر عباده على محبته وعبادته وحده، فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفًا بالله، محبًّا له، عابدًا له وحده» (٢).

ويقول ابن القيم : «فإن الله فطر القلوب على محبة المحسن الكامل في أوصافه وأخلاقه، وإذا كانت هذه فطرة الله التي فطر عليها قلوب عباده، فمن المعلوم أنه لا أحد أعظم إحسانًا منه، ولا شيء أكمل منه ولا أجمل» (٣).

فأصحاب الفطر السوية، والقلوب النقية، والتأملات في ملكوت الله العلية، أعظم شيء لديهم هو محبة الله، ولذا سعى إليها السائرون، وشمر لها


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (١٣٥٨). ومسلم واللفظ له، رقم الحديث: (٢٦٥٨).
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٠/ ١٣٤ - ١٣٥).
(٣) طريق الهجرتين (ص: ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>