للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا عُلم هذا فليعلم أن خير ما يدعى به القريب المجيب ما جاء في القرآن من الدعوات، وما أُثر عن رسول الله من الدعاء؛ فإنه أعلم الخلق بالله، وأنصحهم، وأتقاهم، قال تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].

[الأثر السادس: الاستجابة والتقرب لله القريب المجيب]

إذا عرف العبد اسم ربه القريب المجيب وما فيهما من القرب الخاص والإجابة الخاصة، تطلع إلى تحصيل هذا الفضل العظيم ورجى أن يكون من أهله، وإنما ذلك يكون بالتقرب لله ﷿ بفعل الطاعات واجتناب المنهيات؛ فإن الله ﷿ قريب ممن أطاعه، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦]، وجاء في الحديث القدسي: «وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا … » (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وليس بين الرب والعبد إلا محض العبودية، فكلما كملها قرب العبد إليه؛ لأنه سُبْحَانَهُ بر جواد محسن، يعطي العبد ما يناسبه، فكلما عظم فقره إليه كان أغنى؛ وكلما عظم ذله له كان أعز» (٢).

وهذا التقرب لله ﷿ هو حقيقة الاستجابة، فإنها: الانقياد للأوامر بالفعل، وللنواهي بالترك، وقد دعانا الله ﷿ إليها بقوله: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٦٨٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٥/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>