وهذا يثمر في قلب العبد التوكل على الله، والتعلق به، وقطع التعلق بالأسباب والركون إليها؛ فالأسباب إنما أثرت ونفعت بمنته وإذنه، ولولا ذلك لم تجد على فاعلها شيئًا.
فالمانُّ بكل خير هو الله وحده مسبب الأسباب، والقاهر لكل شيء، والفعال لما يريد فوجب التوكل عليه وحده وتفويض الأمور إليه.
[الأثر الرابع: محبة الله المنان]
إذا تدبر المرء في اسم الله (المنان) وتأمل في عظيم مواهبه، وكثير عطاياه ومنحه، وما أسبغ به على العباد من النعم مع كثرة معاصيهم وذنوبهم؛ أوجب له ذلك محبته والشوق إليه؛ فإن القلوب فُطِرَت على محبة من يحسن إليها، ولا أعظم إحسانًا وإنعامًا من المنَّان ﵎.
[الأثر الخامس: شكر الله المنان]
إذا تأمل العبد في اسم الله المنان، وتفكر فيما منَّ عليه به من الهداية للإسلام، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وتكريمه بالعقل، والسمع والبصر، والصحة والمعافاة، والأمن والاستقرار، إلى غير ذلك من ألوان النعم والمنن التي تفضل بها المنان قبل السؤال والطلب؛ أوجب له ذلك حمده ﵎ على نعمه، وشكره علي آلائه ومننه بالقلب واللسان والجوارح، وإعمالها في طاعته والتقرب إليه، وحفظها من أن تستعمل في معصيته، أو أن تنسب لأحد غيره، قال تَعَالَى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل: ٨٣]، أي: بإضافتهم النعمة إلى غير المنعِم (١).