للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتله وترصدوا به في الليل ليوقعوا به إذا قام من فراشه؛ كادهم الله وكفى رسوله مكرهم، فخرج من بين أظهرهم يذر التراب على رؤوسهم، بعد أن أعمى الله أبصارهم، قال تَعَالَى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠] (١).

وكفاه مكر يهود بني النضير، حينما خرج إليهم في نفر من أصحابه يكلمهم في إعانته بالدية، إلا أن نفوسهم الخبيثة سولت لهم قتله ، وقالوا: أيكم يأخذ هذه الرحى، ويصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها؟ فجاء الوحي رسول الله فقام من فوره وتوجه إلى المدينة، ثم أحاط مكرهم به وذاقوا عاقبته، فأجلوا من المدينة إلى الشام، ليس معهم من متاعهم إلا ما تحمله رواحلهم من غير السلاح، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (٢) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾ [الحشر: ٢ - ٣] (٢).

[الأثر السابع: إصلاح الباطن للعليم العالم علام الغيوب]

اسم الله العليم العالم علام الغيوب وما فيه من علم الله بالبواطن وما تخفيه الصدور، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران: ١١٩]،

وقال: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: ١٩] يدفع العبد إلى


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٣١٩)، والرحيق المختوم، للمباركفوري (ص: ١٤٦ - ١٤٨).
(٢) ينظر: الرحيق المختوم، للمباركفوري (ص: ٢٦٨ - ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>