للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأثر الثاني: محبة البَر سُبْحَانَهُ:

إن الله هو «البر الذي شمل الكائنات بأسرها ببره ومنِّه وعطائه، فهو مولي النعم، واسع العطاء، دائم الإحسان، لم يزل ولا يزال بالبر والعطاء موصوفًا، وبالمن والإحسان معروفًا، تفضل على العباد بالنعم السابغة، والعطايا المتتابعة، والآلاء المتنوعة، ليس لجوده وبره وكرمه مقدار، فهو سُبْحَانَهُ ذو الكرم الواسع والنوال المتتابع، والعطاء المدرار» (١)، وهو الواسع الجود الذي عطاؤه حكمة ومنعه رحمة؛ لأنه لا ينقصه إعطاء ولا يزيده منع، فهو يَبَرُّ عبدَه المؤمن بما يوافق نفسه، فربما بَرَّهُ بالنعمة وربما بَرَّهُ بالبؤس، فهو يختار له من الأحوال ما هو خير له ليوسع له في العقبى» (٢) ومن كانت هذه صفته، فقد وجبت محبته سُبْحَانَهُ.

الأثر الثالث: الثقة بالبر سُبْحَانَهُ والرضى بأقداره:

من آمن باسم الله البر اطمأن قلبه، وعلم أن ما يعيشه من محنة فمن البر الرحيم سُبْحَانَهُ، وما ابتلاه إلا لأنه أحبه، وبعد كل عسر يسران، ومع شدة الليل يكون ظهور الفجر، و مع المحن المنح، ولذلك كان من أخلاق الأبرار: ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ﴾ [البقرة: ١٧٧]؛ لأن لديهم من بعد النظر ما يجعلهم لا يقفون مع ظاهر المصيبة، وإنما يتأملون ما بعدها من حسن العاقبة.

كما رُزقت أمهات المؤمنين برسول الله زوجًا بعد مصائب عظيمة عانينها، ومن ذلك: أم سلمة يموت زوجها، ورملة بتنصُّر زوجها الذي


(١) فقه الأسماء الحسنى، لعبد الرزاق البدر (ص: ٢٢٦).
(٢) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (٧/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>